- فضائل وأعمال عشر ذي الحجّة (صوتي)

أرسل إلى صديق

العنوان

استماع المادة

تحميل المادة

-فضائل وأعمال عشر ذي الحجّة

فإنّ الله تبارك وتعالى يقول في محكم تنزيله، وأحسن قيله:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62]. فلا يزال اللّيل والنّهار متعاقبين، يخلف أحدهما الآخر، لأجل صنفين من النّاس:

الصّنف الأوّل: لمن أراد أن يذّكر ويتوب، ويتّعظ ويئوب، فيبسط الله يده باللّيل ليتوب مسيء النّهار، ويبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء اللّيل..حتّى تطلُع الشّمس من مغربها.

والصّنف الثّاني: أو أراد شكورا، يريد أن يضيف إلى رصيده الأعمال الصّالحات، لتمحى عنه السّيئات، وينال بها أعلى الدّرجات.

صِنفٌ ذو همّة عالية، إن عجز عن حجّ بيت الله الحرام، فإنّه لا يرضَى إلاّ مزاحمتهم في هذا السّباق إلى ذي الجلال والإكرام .. فيحرصون على جليل الأعمال، ولا يكتفون بالأمانيّ والآمال.

حالهم حال أولئك الفقراء الّذين جاءوا النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنْ الْأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ ؟! قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلَا أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُتُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ )) .

وخاصّة أنّ الله قد فتح باب السّباق إليه هذه الأيّام على مِصراعيه ..

وقد أشرنا في الخطبة السّابقة إشاراتٍ خاطفة، إلى فضل العشر الأُوَل من هذا الشّهر المبارك شهر ذي الحجّة، أعظم أشهر الحجّ .. عشرة أيّام تُضاعف فيها الأعمال، وتتحقّق فيها الآمال، وذكرنا أنّ النّصوص في فضله كثيرة:

- منها قسمُ الله تعالى بهذه الأيّام، وذلك في قول الله تبارك وتعالى:{وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} قال ابن عباس رضي الله عنه وغيره:" والفجر: يريد صبيحة يوم النّحر، وليال عشر: هي العشر الأول من ذي الحجّة. 

- ومنها ما يدلّ على فضل تاسع هذه الأيّام، وهو يوم عرفة، وما أدراك ما يوم عرفة ؟! روى مسلم عن أبي قتادَةَ أنّ النّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قالَ: (( صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ: أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ )).

- ومنها ما يدلّ على أنّ اليوم العاشر منه أعظم الأيّام في السّنة، فقد روى أبو داود عن عبدِ اللهِ بنِ قُرْطٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قالَ: (( إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ تبارك وتعالى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ )).

لذلك أراد الله أن يدخل على قلوب عباده السّرور، ويثلج لهم الصّدور، فقد روى التّرمذي وأبو داود وغيرهما عن ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنهما قال: قالَ رسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ )) فقالوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ ؟ قالَ: (( وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ )).

فبماذا نتقرّب إلى الله هذه الأيّام ؟

عبد الحليم توميات

آخر المواضيع:

الذهاب للأعلي